فصل: كتاب الحجر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ***


كتاب الإكراه

كتاب الإكراه قيل الموالاة تغيير حال المولى الأعلى عن حرمة أكل مال لمولى الأسفل بعد موته إلى حله كما أن الإكراه تغيير حال المخاطب من الحرمة إلى الحل فكان مناسبا أن يذكر الإكراه عقيب الموالاة ‏(‏ هو ‏)‏ لغة مصدر أكرهه إذا حمله على أمر يكرهه والكره بالفتح اسم منه ‏(‏ فعل يوقعه الإنسان بغيره يفوت به ‏)‏ أي بذلك الفعل ‏(‏ رضاه ‏)‏ أي رضى ذلك الغير فقط بدون فساد اختياره كالحبس مثلا ‏(‏ أو يفسد اختياره ‏)‏ مع تحقق عدم الرضى أيضا كالتهديد بالقتل مثلا ‏.‏ وفي الدرر أن عدم الرضى معتبر في جميع صور الإكراه وأصل الاختيار ثابت في جميع صوره لكن في بعض الصور يفسد الاختيار وفي بعضها لا يفسد أقول هذا هو المسطور في كتب الأصول والفروع حتى قال صدر الشريعة في التنقيح وهو إما ملجئ بأن يكون بفوت النفس أو العضو وهذا معدم للرضى مفسد للاختيار وإما غير ملجئ بأن يكون بحبس أو قيد أو ضرب وهذا معدم للرضى غير مفسد للاختيار فلا يصح ما قال في الوقاية وهو فعل يوقعه بغيره فيفوت به رضى أو يفسد اختياره فإن فيه جعل قسم الشيء قسيما له انتهى لكن يمكن دفعه بأن القسم الأول الرضى فقط والقسم الثاني الرضى مع الاختيار ‏.‏ وقال في الإصلاح وهذا ظاهر بقرينة المقابلة فمن وهم أن فيه جعل قسم الشيء قسيما له فقد وهم ‏.‏ وفي القهستاني أن الإكراه لم يتحقق مع الرضى وهذا صحيح قياسا وأما استحسانا فلا ‏;‏ لأنه لو هدد بحبس أبيه أو ابنه أو أخيه أو أمه أو زوجته أو واحد من محارمه ولا بالبيع أو هبة أو غيره كان إكراها استحسانا فلا ينفذ شيء من هذه التصرفات وينفذ قياسا ‏;‏ لأن هذا ليس بإكراه حقيقة ‏(‏ مع بقاء أهليته ‏)‏ أي الإكراه بقسميه لصحيح الاختيار وفاسده لا ينافي أهلية الوجوب والأداء ‏;‏ لأنها ثابتة بالذمة والعقل والبلوغ والإكراه لا يخل بشيء منها ألا ترى أنه متردد بين فرض وخطر ورخصة ومرة يأثم ومرة يثاب كما في القهستاني ‏(‏ وشرطه ‏)‏ أي شرط الإكراه مطلقا أربعة الأول ‏(‏ قدرة المكره ‏)‏ بكسر الراء ‏(‏ على إيقاع ما هدد به سلطانا كان أو لصا ‏)‏ هذا عندهما ‏;‏ لأن كل متغلب قادر على الإيقاع وعند الإمام لا إكراه إلا من السلطان لأن القدرة لا تكون بلا منعة والمنعة للسلطان قالوا هذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان ‏;‏ لأن زمان الإمام لم يكن فيه لغير السلطان من القدرة ما يتحقق منه الإكراه وزمانهما كان فيه ذلك فيتحقق الإكراه من كل متغلب لفساد زمانهما والفتوى على قولهما كما سيأتي وفي البزازية الزوج سلطان زوجته فيتحقق منه الإكراه ولم يذكر الخلاف وسوقه للفظ يدل على أنه أعلى الوفاق وفي المنح تفصيل فليطالع ‏.‏ وفي الظهيرية أن مجرد الأمر من السلطان إكراه مع تهديد ‏.‏

كتاب الحجر

كتاب الحجر المناسبة بين الكتابين أن كل واحد منهما من العوارض التي تزيل سبب الولاية والرضى وسبب تأخير هذا الكتاب عن الإكراه ‏;‏ لأن ما تقدم عليه متفق عليه وهذا مختلف فيه ‏(‏ هو ‏)‏ في اللغة المنع مطلقا أي منع كان ومنه سمي الحطيم حجرا ‏;‏ لأنه منع من الكعبة ومنه سمي العقل حجرا ‏;‏ لأنه يمنع عن القبائح ومنه قوله تعالى ‏{‏ هل في ذلك قسم لذي حجر ‏}‏ أي لذي عقل وفي العرف عبارة عن منع حكمي كالنهي إلا أن التصرف في الحجر لا يفيد الملك بحال في البيع وفي النهي يفيده بعد القبض كما في البيع الفاسد فهذا فرق بين الحجر والنهي من حيث الحكم وكذا يفرق من حيث الماهية ‏;‏ لأن الحجر هو المنع لحق الغير ‏,‏ والنهي هو المنع لحق الشرع وفي الشرع ‏(‏ منع نفاذ تصرف قولي ‏)‏ ‏;‏ لأن الحجر في الحكميات دون الحسيات ‏,‏ ونفوذ القول حكمي ألا ترى أنه يرد ولا يقبل والفعل حسي لا يمكن رده إذا وقع فلا يتصور الحجر عنه وهو المراد بقوله هو منع نفاذ تصرف قولي ‏(‏ وأسبابه ‏)‏ أي الحجر ‏(‏ الصغر ‏)‏ بأن يكون غير بالغ فإن كان غير مميز كأن يكون عديم العقل وإن كان مميزا فعقله ناقص فالضرر محتمل وإذا أذن له الولي صح تصرفه لترجح جانب المصلحة ‏(‏ والجنون ‏)‏ ‏.‏ وفي الدرر فإن عدم الإفاقة كان عديم العقل كصبي غير مميز وإن وجدت في بعض الأوقات كان ناقص العقل كصبي عاقل في تصرفاته وأما المعتوه فاختلفوا في تفسيره وأحسن ما قيل فيه هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون ‏(‏ والرق ‏)‏ ليس بسبب للحجر في الحقيقة ‏;‏ لأنه مكلف مختار كامل الرأي كالحر غير أنه وما في يده ملك للمولى فلا يجوز أن يتصرف لأجل حقه فإن أذن المولى رضي بفوات حقه اعلم أنه تعالى شرف البشر بالإنعام بالعقل وركب فيهم الهوى والعقل وجعل في الملائكة العقل دون الهوى وفي البهائم الهوى دون العقل فمن غلب عقله على هواه كان أفضل خلقه لما يقاسي من مخالفة الهوى ومن غلب هواه على عقله كان أردى من البهائم قال الله تعالى ‏{‏ أولئك كالأنعام بل هم أضل ‏}‏ فجعل بعضهم ذوي النهى حتى كان بعضهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى وابتلى بعضهم بالردى كالجنون والعته والصغر وجعل تصرف الصغير والمعتوه غير نافذ بالحجر عليهما كي لا يتعلق بهم الضرر باحتيال بعض من يعاملها وجعل الصبا والجنون سببا للحجر عليهما كل ذلك رحمة منه ولطفا كما في التبيين ثم فرعه بقوله ‏(‏ فلا يصح تصرف صبي أو عبد بلا إذن ولي أو سيد ‏)‏ لما قررنا قبيله هذا لف ونشر مرتب فلو قال وسيد بالواو لكان أولى ‏.‏

فصل في بيان أحكام البلوغ

‏(‏ يحكم ببلوغ الغلام بالاحتلام أو الإنزال أو الإحبال ‏)‏ أي بجعل المرأة حبلى ‏(‏ وببلوغ الجارية بالحيض أو الاحتلام أو الحبل ‏)‏ بفتحتين وذا لا يكون بلا إنزال منها ولذا لم يذكر الإنزال في الجارية قيل وجه عدم الذكر فيها أنه أمر باطني لا يعلم منها كما يعلم من الصبي وفي الدرر والأصل أن البلوغ يكون بالإنزال حقيقة ولكن غيره مما ذكر لا يكون إلا مع الإنزال فجعل كل واحد علامة على البلوغ وفي التسهيل فعلى هذا ينبغي أن يكون المراد بالاحتلام هو الاحتلام مع الإنزال فحينئذ يغني ذكر الاحتلام ‏.‏ وفي الفرائد في عدم كون الحيض إلا مع الإنزال كلام تدبر ‏.‏ انتهى ‏.‏ لكن يمكن أن الحيض لا يوجد إلا ممن تحبل عادة وذا يكون بعد الإنزال ‏(‏ فإن لم يوجد شيء من ذلك ‏)‏ أي من أسباب الحكم ببلوغهما ‏(‏ فإذا تم له ‏)‏ أي للغلام ‏(‏ ثماني عشرة سنة ‏)‏ يحكم ببلوغه ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ إذا تم ‏(‏ لها سبع عشرة سنة ‏)‏ يحكم ببلوغها عند الإمام لقوله تعالى ‏{‏ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ‏}‏ وأشد الغلام على ما قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومن تبعه ثماني عشرة سنة وقيل اثنان وعشرون وقيل خمس وعشرون فوجب أن يدور الحكم على القول الأول للاحتياط إلا أن الجارية أسرع في بلوغها من الغلام ففرقنا بينهما بسنة ‏(‏ وعندهما ‏)‏ والأئمة الثلاثة ‏(‏ إذا تم خمس عشرة سنة فيهما ‏)‏ أي في الغلام والجارية ‏(‏ وهو رواية عن الإمام وبه يفتى ‏)‏ ‏;‏ لأن علامة البلوغ لا تتأخر عن هذه المدة فيهما غالبا ‏(‏ وأدنى مدته ‏)‏ أي مدة البلوغ بالاحتلام ونحوه ‏(‏ له ‏)‏ أي للغلام ‏(‏ ثنتا عشر سنة ولها ‏)‏ أي للجارية أدنى المدة ‏(‏ تسع سنين ‏)‏ كذا ذكروا ولا يعرف ذلك إلا سماعا أو بالتتبع ‏(‏ وإذا راهقا ‏)‏ أي قربا بالبلوغ ‏(‏ وقالا ‏)‏ قد ‏(‏ بلغنا صدقا ‏)‏ في دعواهما إن لم يكذبهما الظاهر لما في الخانية صبي أقر أنه بالغ وقاسم وصي الميت قال أبو بكر محمد بن الفضل إن كان الصبي مراهقا قبل قوله ويجوز قسمته وإن لم يكن مراهقا ويعلم أن مثله لا يحتلم لا تجوز قسمته ولا يقبل قوله لأنه يكذب ظاهرا وتبين بهذا أن بعد ثنتي عشرة سنة إذا كان بحال لا يحتلم مثله إذا أقر بالبلوغ لا يقبل قوله ‏(‏ وكانا ‏)‏ أي الغلام والجارية ‏(‏ كالبالغ حكما ‏)‏ أي أحكامهما حكم البالغين ‏;‏ لأنه أمر لا يوقف عليه إلا من جهتهما فيقبل فيه قولهما بالضرورة ‏.‏

كتاب المأذون

كتاب المأذون إيراد المأذون بعد الحجر ظاهر المناسبة إذ الإذن يقتضي سبق الحجر وفي اللغة عبارة عن الإعلام وفي الشرع ‏(‏ الإذن فك الحجر ‏)‏ الثابت شرعا ‏(‏ وإسقاط الحق ‏)‏ مطلقا سواء كان حق الصبي أو المعتوه أو حق مولى عبد وقد ذهب البعض إلى تخصيص الإسقاط بحق مولى العبد هنا وهو التصرف والخدمة لمولاه إذ هذا الحق يمنع تصرف العبد لنفسه فإذا أسقط المولى حقه هذا يقدر العبد إلى الاكتساب بالإضافة إلى نفسه ليتعلق حق من يعامله بذمته ولا يقدر إلى دفع يد مولاه عما اكتسبه كالحر فيأخذ من كسب عبده كما في شرح الوقاية لابن الشيخ ‏.‏ وفي الدرر والإذن نوعان أحدهما إذن العبد وهو فك الحجر بالرق الثابت شرعا على العبد وإسقاط الحق فيتصرف العبد لنفسه لأهليته والنوع الثاني إذن الصبي والمعتوه وهو فك الحجر وإثبات الولاية لهما ‏(‏ ثم يتصرف العبد ‏)‏ بعد ذلك لنفسه ‏(‏ بأهليته ‏)‏ القديمة فقوله ثم يتصرف عطف على محذوف فإن قوله الإذن فك الحجر معناه إذا أذن المولى ينفك الحجر عن العبد فعطف على قوله ينفك قوله ثم يتصرف العبد فقوله وإسقاط الحق كالتفسير لقوله فك الحجر ‏(‏ فلا يلزم ‏)‏ تفريع على كون تصرف العبد لنفسه بأهليته ‏(‏ سيده عهدته ‏)‏ أي عهدة التصرف كما إذا اشترى شيئا ولم يؤد ثمنه يطلب منه الثمن ولم يرجع على سيده ‏;‏ لأنه اشترى لنفسه لا لسيده والوكيل عكس هذا إذا الثمن يطلب من الموكل لا من الوكيل ‏.‏

فصل في بيان حكم الصبي والمعتوه

‏(‏ تصرف الصبي إن نفع ‏)‏ بلا ضرر أصلا ‏(‏ كالإسلام وقبول الهبة والصدقة صح بلا إذن ‏)‏ أي بلا توقف على إذن الولي لكونه أهلا ولو على القصور ‏.‏ ‏(‏ وإن ضر ‏)‏ أي إن كان تصرفه ضارا ‏(‏ كالطلاق والإعتاق فلا ‏)‏ يصح ‏(‏ ولو ‏)‏ وصلية ‏(‏ بإذن ‏)‏ لانعدام الشرط فيه وهو الأهلية الكاملة ‏(‏ وإن احتملهما ‏)‏ أي النفع والضر ‏(‏ كالبيع والشراء صح بالإذن ‏)‏ أي بإذن الولي ‏(‏ لا بدونه ‏)‏ أي الإذن علق بإذن وليه دفعا للضرر بانضمام رأي الولي في المتردد بينهما وعند الشافعي لا يصح تصرفه بإجازة الولي ولذا لا يصح إسلامه ‏(‏ فإذا أذن للصبي في التجارة أبوه أو جده عند عدمه ‏)‏ أي عدم الأب ‏(‏ أو وصي أحدهما ‏)‏ أي وصي الأب أو الجد عند عدم وصي الأب والمراد منه الترتيب ‏;‏ لأن وصي الأب مقدم على الجد وترتيبه أبوه ما دام حيا حاضرا وبعد موته وصيه المختار ثم وصي وصيه كما في القهستاني ثم جده هو أب الأب ثم وصيه ثم وصي وصيه ‏(‏ أو القاضي ‏)‏ أي ثم القاضي أو من يقوم مقامه دون الأم ووصيها وصاحب الشرط ‏(‏ فحكمه ‏)‏ أي حكم هذا الصبي ‏(‏ حكم العبد المأذون ‏)‏ في جميع ما ذكرنا من الأحكام من أنه لا يتقيد بنوع من التجارة ويكون مأذونا لسكوت الولي حين يراه يبيع ويشتري ويصح إقراره بما في يده من كسبه ويجوز بيعه بالغبن الفاحش عنده خلافا لهما ‏(‏ بشرط أن يعقل كون البيع سالبا للملك والشراء جالبا له ‏)‏ أي للملك زاد الزيلعي عليه وأن يقصد الربح ويعرف الغبن اليسير من الفاحش ‏(‏ فلو أقر ‏)‏ الصبي المأذون بالتجارة من قبل الولي ‏(‏ بما في يده من كسبه ‏)‏ من عين أو دين لوليه أو لغيره لأنه من تمامه التجارة ولو لم يصح لا يعامله الناس ‏(‏ أو إرثه ‏)‏ أي بما ورث عن أبيه أو غيره ‏(‏ صح ‏)‏ إقراره في ظاهر الرواية ‏;‏ لأن الحجر ارتفع بالإذن فصار كالبالغ وعن الإمام أنه لا يصح في الإرث لأن الحاجة في صحة الإقرار بما معه للحاجة إليه في التجارة ولا حاجة في المورث ‏(‏ والمعتوه ‏)‏ الذي لا يعقل البيع والشراء بالمعنى المذكور ‏(‏ بمنزلة الصبي ‏)‏ فيما مر من الأحكام ‏.‏ وفي التبيين تفصيل فليراجع ‏(‏ وصح إذن الوصي أو القاضي لعبد اليتيم ‏)‏ ‏;‏ لأن لهما تصرفا في مال اليتيم والإذن منه ‏.‏